يحفل تاريخ العلاقات الدولية بأزمات مفصلية عديدة، مثلت نقطة تحول فى النظام الدولى وعلاقات القوى فيه. ولم تكن هذه النقاط المفصلية وليدة اللحظة، ولكنها كانت دوما نتاج عملية تطور للأحداث والتفاعلات وتوازنات القوي. ومنها -على سبيل المثال- حرب الثلاثين عاما التى انتهت بصلح وستفاليا عام 1648، وكذلك الحرب الألمانية- الفرنسية، والهزيمة الموجعة لفرنسا عام 1870، وفى العصر الحديث الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ثم ما يعرف بانتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991.
ورغم أن المواجهة الروسية - الجورجية، التى اندلعت إثر القصف الذى قامت به جورجيا لأوسيتيا الجنوبية فى ليل الثامن من أغسطس 2008، تبدو أزمة إقليمية ولا ترقى بالمعايير العسكرية إلى الأزمات الدولية السابق الإشارة إليها، إلا أنها لا تقل عنها من حيث دلالاتها السياسية، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل النظام الدولى والقوى الفاعلة فيه،