رجال الأمن في مصر، المفترض أن وظيفتهم، كما قررها الدستور، هي خدمة الشعب وحمايته وتأمينه، وشرعيتهم كجهات أمنية، تأتي من قيامهم بدورهم هذا، وإلا فهم غير دستوريين، وبالتالي غير شرعيين، ويمثلون سلطة قهر واعتداء، وليس درع حماية وخدمة .... ورجال الأمن، كما نعرف جميعاً، لا يؤدون الدور الذي أسنده إليهم الدستور إلا لماماً، فهم يرفضون في معظم الأحيان، القيام بأي خدمة للمواطنين، من باب أنهم أسياد المجتمع وليسوا خدًَّامه، والغالبية العظمي منهم يتملكها شعور السطوة والقوة والتعالي، ولا تمتلك التواضع أو الحكمة، أو ضبط النفس المطلوب، وكل رجال الشرطة بلا استثناء يطيعون أوامر النظام الحاكم، حتي وهم يدركون أنها أوامر ديكتاتورية طغيانية متجبرة، الغرض منها قمع الشعب وبث الرعب في نفوس المواطنين، حتي لا يحاولون الاقتراب من النظام، أو يجرؤون علي مخالفة أوامره، وحجتهم في هذا أنهم عبيد المأمور، عليه الأمر وعليهم الطاعة ...
ولكن المشكلة، التي لم يضعوها في حسبانهم، وهم يراهنون علي استمرار نظام الطغاة، هي ذلك الزائر الحتمي، الذي سيأتينا ويأتيهم، ولو كانوا في بروج مشيدة، والذي سيدركون بعد زيارته الحتمية، أنهم لم يكونوا أبداً عبيد المأمور، لأنهم سيشاهدون عندئذ مأمورهم نفسه يرتجف من هول ما كشفه بدوره، وسيفاجأون بأنهم عبيد منتقم جبار، يستجيب دوماً لدعوة المظلوم، ويجازي كل من عمل مثقال ذرة من خير أو من شر ....
سيدركون، بعد فوات الأوان، أن واجبهم تجاه من نسوه، كان أهم وأكبر وأبقي من واجبهم تجاه المأمور، الذي ما هو إلا حقير ذليل، لم يحرص مثلهم علي الموت، فآتاه يوم تمني فيه الموت ألف مرة، فلم يجده ؛ لأنه سيظل خالداً أبداً، في عذاب مقيم، وسيتبرأ أول ما يتبرأ منهم، ومن كل من ظنوا أنهم عبيده، وسيدافع عن نفسه بأنه كانت لهم عقول وإرادة، فعبدوه وأطاعوه، وكفروا بمن خلقه وخلقهم، وخالفوه ...
وذلك الزائر يأتي حتماً، ولم يفلت منه أحد عبر الوجود كله ... حتي هم .... بالأخص .