الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب.
والإقلاع عن الذنب إن كان الذنب ترك واجب مثلاً فالإقلاع عنه بفعل هذا الواجب مثل أن يكون شخص لا يزكِّي فأراد أن يتوب إلى الله فلا بد من أن يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدِّها، وإن كانت المعصية بفعل محرَّم مثلاً فالواجب عليه أن يُقلع عنه فوراً ولا يبقى فيه ولا لحظة، فإذا كان مثلاً من آكلي الربا، فالواجب عليه أن يتخلص من الرِّبا بتركه والبعد عنه وإخراج ما اكتسبه عن طريق الرِّبا، وإن كانت المعصية غيبة فالواجب عليه أن يقلع عن غيبة الناس والتكلُّم في أعراضهم، أما أنه يقول إنه تائب إلى الله وهو مصر على ترك الواجب أو مُصر على فعل المحرَّم فإن هذه التوبة غير مقبولة، بل إن هذه التوبة كالاستهزاء بالله -عز وجل-، كيف تتوب إلى الله تعالى وأنت مصر على معصيته.
والإقلاع عن الذنب ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول:-
أن يكون إقلاعاً عن ذنب يتعلق بحق الله -عز وجل- فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربِّك، ولا ينبغي أن تحدِّث الناس بما صنعت من المحرَّم أو ترك الواجب، لأن هذا بينك وبين الله -عز وجل-، فإذا منَّ الله عليك بالسِّتر، وسترك عن العباد، فلا تكشف ستر الله عليك بعد أن تبت إليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
القسم الثاني:-
أن يكون إقلاعاً عن ذنب يتعلق بحق الخلق، أي أنه بينك وبين الخلق، فإن كان مالاً فلا بد أن تؤديه إلى صاحبه، ولا تقبل التوبة إلا بأدائه أو التحلل من صاحبه، فإن كان قد مات فإنك تعطيه ورثته، فإن لم تعرفه أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكاناً فتصدَّق به عنه تخلصًا منه، والله سبحانه وتعالى يعلمه ويؤديه إليه.
وإن كان الحق غيبة مثلاً، كأن تجلس بين الناس وتتكلم عن هذا الشخص وتقدح فيه، فعليك أن تستحله إن كان قد علم بهذه الغيبة لكي يرضى ويعفوا عنك، أما إن لم يعلم بهذه الغيبة فلا تخبره بها، وإنما يكفيك إن شاء الله تعالى أن تستغفر له وأن تذكر محاسنه في المجالس التى كنت تغتابه فيها، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولأنك إذا ذهبت إليه وأخبرته بهذه الغيبة فربما يقع في نفسه شيء فتكون العداوة والبغضاء والإسلام إنما يدعوا إلى المحبة والمودة والألفة بين المسلمين، والمهم أنه لا بد في التوبة أن تصل الحقوق إلى أهلها، وذلك بأن يتدارك التائب ما يمكن تداركه من رد المظالم ونحو ذلك.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من المعصية.
وذلك لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة، وذلك بأن يتحسَّر على ما سبق منه، وينكسر من أجله ولا يرى أنه في حلٍّ منه حتى يتوب منه إلى الله تعالى.
الشرط الثالث: العزم على أن لا يعود في المستقبل إلى هذا الذنب.
فإن كان ينوي العودة إليه إذا سمحت له الفرصة فإن التوبة لا تصح، فمثلاً: رجل لديه مال يستعين به والعياذ بالله على فعل الزِّنى وشرب الخمر وغيرها من المحرَّمات، فلما أصيب بفقر قال: اللهم إني تبتإليك، وهو كاذب، ففي نيته أنه إذا عادت الأمور إلى مجاريها فإنه سوف يعود إلى المحرَّمات، فهذه توبة عاجز، فسواء تاب أو لم يتب هو ليس بقادر على فعل المعصية، فتكون توبته غير مقبولة، لأنه يوجد بعض الناس إذا عجز عن فعل المعصية قال: تبت إلى الله وتركت الذنوب، ولكنه يُحدِّث نفسه أنه لو عاد إليه ما افتقده واستطاع فعل المعصية لعاد إليها مرة ثانية.
عباد الله: من منَّا لا يُخطئ، من منًّا لا يُذنب، من منَّا لا يقع في المعاصي،كثرت ذنوبنا وأثقلت ظهورنا، نسبُّ هذا، ونقذف هذا، ونضرب هذا، ونجاهر ونفتخر بالمعاصي، وطالما فرَّطنا في جنب الله تعالى، ينزل جل وعلا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول: هل من مستغفرٍ فأغفر له، هل من تائبٍ فأقبله، هل من سائلٍ فأعطيه مسألته، ونحن في غفلة غارقون في ذنوبنا ننظر إلى النساء الكاسيات العاريات في التلفاز وكأن الأمر لا يعنينا، وكأن الله لا ينظر إلينا، بل ربما نستتر من الناس ونستحي من أن يطلع علينا أحد الناس ولا نستحي من الله، إلا من رحم الله منا، ولا شك عباد الله أننا بحاجة إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب، ولا يكون ذلك إلا بالتوبة إلى الله جل وعلا والرجوع إليه.
: قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: "كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التَّوَّابون" (رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم وحسنه الألباني-صحيح الترغيب والترهيب) وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب لة )
صدق الرسول الكريم علية افضل الصلاة والتسليم