إبليس فنان نشيط
برج العضو : الرصيد : 205 العمر : 34 العمل : سفير جهنم المزاج : التحدى الخبره : 15/01/2010 النقاط : 11200
| موضوع: من المسؤول عن ضحايا الفساد ؟؟ (اولاد الشوارع 2010-07-01, 5:08 am | |
| نمر عليهم كل يوم... تعودنا علي رؤيتهم بملابسهم الرثة الممزقة التي لا تحمي من برد ولا حر ولا مطر وأجسادهم النحيلة جوعا وبؤسا وعيونهم الزائغة بحثا عن الأمان المفقود وخوفا ورعبا من مستقبل مظلم مرعب.. جعان يابيه.. والنبي اديني اشتري أكل.. مناديل يامدام.. فل وورد يا آنسة، قد نري البعض منهم يبحث عن بقايا طعام فاسد كحياته الفاسدة في صناديق القمامة أو مستغرقا في نومه علي الرصيف.. نتأفف منهم ومن إلحاحهم.. أو نمصمص شفاهنا شفقة عليهم ثم نمضي ونعود إلي منازلنا نأكل ونحتضن أبناءنا نسمع نشرات الأخبار.. نقرأ الصحف.. نشاهد برامج التليفزيون.. أحاديث لا تنتهي عن مؤتمرات حماية أطفال الشوارع وعقد حماية الطفل المصري ورعاية الأطفال بلا مأوي.. أخبار الجمعيات والوزارات والمجلس القومي للأمومة والطفولة وشعارات 'لا للعنف ضد الأطفال' ثم ننام في دفء وأمان لنري نفس المشاهد في اليوم التالي.
أفزعتنا حقا تفاصيل حادثة اغتصاب وتعذيب أطفال الشوارع وعصابة التوربيني وانزعجنا من قسوتها ولكن ماذا كنا نتوقع من أطفال يعيشون في الشارع حياة شاذة يأكلون من صناديق القمامة وينامون متلاصقين في الجحور والأوكار تحت الأرض مثل الحشرات دون غطاء يبحثون عن لحظة دفء مفقود بالتحام الأجساد وتلاصقها بنات وأولادا يحكمهم قانون الغاب.. فكل منهم إما أن يأكل وإما أن يؤكل.. إما أن يكون التوربيني وإما أن يكون أحد ضحاياه. ماذا لو تصور أي منا ولو للحظات ابنه أو ابنته في هذا الوضع؟.. نبادر بسرعة ونقول: لا قدر الله بعد الشر.. دول عيال أهاليهم سابوهم وألقوا بهم في الشوارع.. فماذا إذن لو علمنا أن هؤلاء الجناة الذين كانوا ضحايا استدرجوا بعض ضحاياهم من التائهين وارتكبوا جرائمهم البشعة معهم وأن معظمهم اضطر لحياة الشارع بسبب الفقر أو التفكك الأسري أو وفاة الوالدين ليخضع لقانون الغاب ثم يدمن حياة الشارع والإدمان والشذوذ والفوضي.. لو أن كلا منا تخيل أبناءه في هذا الوضع لما مر عليهم مرور الكرام ولحاول إنقاذهم بكل ما أوتي من قوة!! والسؤال العملي والمنطقي هو: كيف.. كيف ننقذهم ونحن نعيش حالة شيزوفرينيا.. نسمع كلاما جميلا معسولا ونري واقعا بشعا ومرا نعجز عن التعامل معه؟! تذكرنا أن المجلس القومي للأمومة والطفولة الذي صدع رءوسنا بالحديث عن قضية الختان ووضعها في أولي أولوياته قد وضع منذ ثلاث سنوات استراتيجية حماية وتأهيل أطفال بلا مأوي وكانت إحدي توصياته إنشاء صندوق يشارك فيه رجال الأعمال والصناعة المصريون ويقام له جهاز وظيفي ليتولي ايجاد حلول جذرية لمشكلة أطفال الشوارع وحتي الآن لم يتم تشكيل هذا الصندوق.. فهل قضية الختان أهم عند المجلس من قضية أطفال الشوارع التي بحثها في عشرات المؤتمرات في الفنادق الفاخرة التي يقف وينام حول الشوارع المؤدية لها آلاف من أطفال الشوارع ينتظرون أن يخرج أعضاء المجلس من الفنادق ليقدموا الحلول الجذرية لهذه المشكلة المزمنة؟ وخلال بحثنا عن الإجابة وجدنا هيئات وجمعيات ووزارات تتعامل مع الظاهرة وتتحدث عنها.. بعضها يستغلها للاسترزاق والتكسب والبعض الآخر يعمل في جزر منعزلة دون تنسيق. مملكة أبو إسكندر أبو إسكندر مأساة رصدنا تفاصيلها منذ فترة لا تقل عن مأساة حادث التوربيني ورغم النشر فلم يتحرك أحد. الفارق فقط أننا لم نعلم حتي الآن مصير الأطفال الذين استغلهم أبوإسكندر عبيدا في هذه المملكة يمتص دماءهم ولخوفهم وأعمارهم نشعر بالذنب كلما تذكرنا تفاصيل حياتهم التي شاهدناها عن قرب ولم نستطع أن نفعل شيئا أو ننقذهم من هذا العذاب.. لعلهم لقوا مصير ضحايا التوربيني دون أن نعلم لنكون شركاء بشكل أو آخر في هذه الجريمة. مجموعة كبيرة من الأطفال أولادا وبنات يعيشون في حفرة تحت قضبان ترام مصر الجديدة يسيطر عليهم ويقودهم رجل في الأربعين من عمره يدعي أبوإسكندر .. كل من في المنطقة يعرف قصتهم وكان يراهم يوميا.. بعض هؤلاء الأطفال لا تتجاوز سنه العاشرة أو أقل.. فتيات في سن المراهقة يعشن في تلك الحفرة تحمل البعض منهن أطفالا رضعا أنجبنهم ربما دون أن تعرف أي منهن من هو أبوه وقد أبلغ عدد من السكان مرارا قسم الشرطة الذي كان علي مسافة قريبة من الحفرة ليقوم القسم بعمل حملات علي المكان فيهرب بعض الأطفال ويتم القبض علي البعض الآخر ثم يتم إشعال النيران في الحفرة وبعد فترة يعود الأطفال للمكان مرة ثانية وهكذا يتكرر هذا المشهد. ذهبنا إلي هناك وقتها وقابلنا عددا من هؤلاء الأطفال لم ولن ننسي ما شاهدناه ويؤرقنا حتي الآن.. كان الأطفال يلتفتون حولهم بفزع وهم يتحدثون معنا خوفا من أن يراهم أبوإسكندر.. أحدهم سألنا: 'انتو هتجيبوا لنا هدوم جديدة' ليرد آخر: 'ياعم دول من الشئون بييجوا كل يوم يقولوا هنديكم مساعدة ويسألونا وبعدين يمشوا وما يسألوش فينا تاني'. أحد الأطفال الذين يبيعون الجرائد ولا يتجاوز عمره 12 سنة أكد لنا حينما سألناه عن هذه الحفرة منكرا أنه يعيش مع هؤلاء الأطفال في هذه الحفرة وأن أبوإسكندر حاول إغراءه بالانضمام إليهم ولكنه رفض وتمسك بعمله كبائع جرائد ليساعد أسرته. تقدمت إلينا فتاة سمراء لم يكن عمرها يزيد علي 14 سنة تحمل طفلة رضيعة بين يديها.. أخذت تبكي وتؤكد أنها لا تأمل سوي في أن تعيش في غرفة تغلق عليها هي وابنتها حتي وان كانت زنزانة حتي ينتهي عذابها في الشارع.. سألناها.. فادعت أن اسمها 'ابتسام جمعة' وأنها هربت من أهلها بالصعيد وأكدت أن هناك الكثير من الفتيات يعشن مع الأولاد وأبوإسكندر في هذه الحفرة وأنها تحاول الابتعاد عنهم ولا تجد مأوي لها ولابنتها قالت: 'الحكومة بتيجي كل فترة تهاجم الحفرة وتحرقها لكن بعد فترة بيرجع أبوإسكندر والعيال تاني يمارسوا نشاطهم ويعيشوا فيها' وقبل أن تكمل حديثها حام حولنا عدد من الصبية يحملون بعض الزجاجات وأشار أحدهم إلينا 'عارفين دي إيه.. مية نار' فجأة ظهر أبوإسكندر وحوله عدد من صبيانه ترتبك الفتاة وتبكي ثم تجري ويجري الصبية وراءها ثم ينتزع منها أبو إسكندر طفلتها ليلقيها في يد أحد صبيانه ليجري بها بسرعة وجذب هو الفتاة وصعد بها بسرعة للترام واختفي الجميع في لحظات أصابنا فيها الرعب والذهول من هول ما شاهدناه. وقتها سألنا أحد المسئولين بقسم الشرطة القريب من المكان فأجاب بأنه يتم القبض علي عدد منهم وتحويلهم إلي دور الرعاية ولكن نظرا لازدحامها يخرج الأطفال مرة أخري ليعودوا للتجمع في هذا المكان. وقد مرت فترة طويلة علي هذا الموقف الذي تذكرناه حين سمعنا تفاصيل اغتصاب وتعذيب وقتل الأطفال علي يد التوربيني وعصابته فماذا كان مصير الأطفال في مملكة أبوإسكندر وغيرها من ممالك أطفال الشوارع التي لم يتم اكتشافها حتي الآن؟ أين هي الجمعيات التي تعمل في مجال إنقاذ أطفال الشوارع؟ وهل تكفي لاستيعاب هذه الأعداد؟ لماذا يعمل الكثير منها بنظام الاستقبال النهاري فقط ويترك الأطفال ليناموا في الشارع؟ وهل يستغل البعض هذه الظاهرة للتكسب؟ وما هو دور وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للأمومة والطفولة؟ ومتي تتبني الدولة مشروعا قوميا لإنقاذ هؤلاء البؤساء؟ استغلال الظاهرة ونؤكد أن هناك بالفعل من يستغل هذه الظاهرة في غياب الإشراف والرقابة الكاملة ومن هذه الجمعيات جمعية سلامة المجتمع التي سبق أن نشرنا مخالفاتها وما ثار حولها من شبهات حيث لم تكن تتعدي مساحتها 70 مترا وتستقبل الأطفال ثلاثة أيام في الأسبوع وفي ساعات محدودة ولا تحوي سوي عدد قليل من أجهزة الكمبيوتر وأدوات الرسم ومع ذلك تلقت تمويلات بالملايين وكان العاملون بها من خريجي الدبلومات الفنية وليس بينهم متخصص واحد وكانت ترسل بتقاريرها للخارج وقتها أكد لنا أحد مسئولي الجمعية أن وزارة الشئون الاجتماعية لا تتابع الجمعية أو نشاطها إلا عندما تعلم بوجود تمويل لأنها تنظر إلي هذه الأموال بعين الحسد.. وقد تم مؤخرا إغلاق هذه الجمعية بعد أن أثير أمرها في مجلس محلي الجيزة وصدر قرار من المحافظ بوقفها.. ولاحظ هنا المحافظ وليس وزارة الشئون الاجتماعية التي أكد أحد مسئوليها أن هذا القرار من اختصاص المحافظين وليس الوزراء لأنهم الجهة التنفيذية وهو ما يتعلق بمفهوم المركزية واللامركزية. جمعية أخري أثيرت حولها الشبهات والمخالفات المالية وتحوي دار إيواء ومراكز استقبال تقوم بجمع الأطفال وإعطائهم ملابس ووجبات فقط عندما يأتي زوار للجمعية من المسئولين أو الممولين ثم تطلقهم في الشارع بعد انتهاء الزيارة وهو ما يؤكد أن عددا من هذه الجمعيات يستغل الظاهرة في التربح وهو ما يحتاج إلي إعادة نظر ومزيد من الرقابة. ولا ننكر أن هناك جمعيات تعمل بشكل جاد لحل هذه المشكلة وجمعية قرية الأمل وهي من أولي الجمعيات التي تعاملت مع هذه الظاهرة بشكل متكامل حيث انها تحوي مراكز إقامة لأطفال الشوارع بالإضافة إلي مراكز الاستقبال والوحدات المتنقلة لجمع الأطفال ويلجأ إليها الكثير من الجمعيات الأهلية المشتركة في مشروع خط نجدة الطفل (16000) لحل أي مشكلة خاصة بأحد أطفال الشوارع وهو ما عرفناه من عدد من هذه الجمعيات ومنها جمعية الفسطاط لتنمية المجتمع المحلي حيث أكدت حنان الصعيدي 'من إدارة الجمعية' أن معظم الحالات التي تحتاج لمكان إقامة من أطفال الشوارع يتم تحويلها إلي هذه القرية ولكن أحيانا ونظرا لكثرة الأعداد قد لا يكون متاحا فيها مزيد من الأماكن مؤكدة أنه من خلال الخط الساخن الذي تشترك فيه تقوم الجمعية بإرسال إخصائي اجتماعي لاعداد تقرير عن الحالة المبلغ عنها ومعظمها حالات لأطفال الشوارع وتكون الجمعية المشتركة في هذه الخدمة مجرد وسيط بين المبلغ والمجلس القومي للأمومة والطفولة والجمعيات التي تعمل في نشاط أطفال الشوارع وتشير إلي أنها أحيانا تقف عاجزة أمام بعض الحالات التي لا تجد لها حلا أو مكانا للإيواء والإقامة وقلة عدد الدور التي تحوي هذه الأماكن. وتضيف أن هناك توصية بأن تخصص كل محافظة قطعة أرض يتم عليها بناء مؤسسات لأطفال الشوارع وإذا تبنت الدولة هذا المشروع فإن رجال الأعمال يمكن أن يتبرعوا لتمويل البناء والنفقات. وهو ما أكده أيضا محمد راضي مدير الدفاع الاجتماعي بحلوان والخبير الاجتماعي المنتدب بمحكمة أحداث القاهرة مؤكدا أن الجمعيات الحالية لا تؤدي الغرض أو تتناسب مع حجم الظاهرة وأن عددا من الجمعيات استغل الظاهرة كمشروع تجاري لجمع التبرعات والمنح مشيرا إلي أن عدد أطفال الشوارع قد يصل إلي 5 ملايين طفل ويؤكد عدم اقتناعه بفكرة أن تكون الجمعيات مجرد مراكز استقبال نهارية للأطفال تطعمهم وتنظفهم ثم تطلق الطفل في الشارع ينام فيه ثم يعود للجمعية في اليوم التالي وهو ما لا يصلح في علاج هذه الظاهرة أو إصلاح حال الطفل الذي يواجه كل الأخطار في فترة الليل المهم أن يثبت أنه تعامل مع عدد كبير من الأطفال خلال اليوم وتتحول المسألة إلي تسديد خانات لإقناع الجهات المانحة أنه قام بدوره، مشيرا إلي أن جمعية قرية الأمل التي يتم تحويل الأطفال من مراكز الاستقبال أو الجمعيات المشتركة من الخط الساخن إليها لا يمكن أن تتسع لهذه الأعداد المتزايدة ولابد من مواجهة حقيقية للمشكلة يتبناها المجلس القومي للطفولة والأمومة للتنسيق بين الجهات المختلفة في الشئون الاجتماعية والداخلية والصحة والتعليم ليجد حلولا جدية للظاهرة بدلا من الاهتمام بقضايا أقل أهمية
| |
|