برج العضو : الرصيد : 679العمر : 40العمل : محامالمزاج : حسب الاحوال الخبره : 25/03/2010 النقاط : 12042
موضوع: من اخلاق المسلم الحياء 2010-05-15, 7:04 am
الحياء
صفة من صفات الله رب العالمين ، والملائكة والمرسلين ، وصالح المؤمنين ، فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه بذلك فقال (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين )) ((سنن أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه)) ، وكل صفة وصف الله بها نفسَه وقامت الأدلة على وصف العباد بها فلا تظنن أن ذلك يعني مشابهة الله لخلقه – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً – قال تعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ((سورة الشورى : 11)) ، فالفرق بين صفاتنا وصفاته كالفرق بين ذاتنا وذاته . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه ((ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)) ((صحيح مسلم)) دليل على اتصاف الملائكة به ، وهو خلق الأنبياء ، فقد جاء عن خاتمهم صلى الله عليه وسلم ( أربع من سنن المرسلين : الحياء ، والتعطر ، والسواك ، والنكاح )) . ((سنن الترمذي)) وقال أبو سعيد رضي الله عنه ينعت نبينا صلى الله عليه وسلم : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها".(( أخرجه الشيخان)) وهو خلق المؤمنين الصادقين ، فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يُذكِّر النبي صلى الله عليه وسلم الأمةَ بمناقبه فيقول(وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ )) ((أحمد والترمذي وابن ماجه)) . ويسأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه – وفيهم ابن عمر - (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا ، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ)) ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي ، قَالَ ابن عمر : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ ، ثُمَّ قَالُوا : حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ (هِيَ النَّخْلَةُ)). ((أخرجه الشيخان))
والحياء من الأخلاق التي كانت تُعرف في الجاهلية : فإن أبا سفيان لما كان على الإشراك سأله هرقل أسئلة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهى الكلام بينهما قال أبو سفيان : "والله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت " . ((أخرجه الشيخان)) وفي غزوة حنين تبع أبو موسى الأشعري أحد الكفار فولى هارباً ، فقال له أبو موسى رضي الله عنه :" ألا تستحي ؟! ألست عربياً ؟! ألا تثبت ؟!" فوقف وتقالا فقتله أبو موسى .(( أخرجه مسلم))
وأولى الناس بخلق الحياء النساء ، وقد خلَّد القرآن الكريم ذكر امرأة من أهل هذا الخلق ، قال الله عنها :{ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيإباحيه أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } ((سورة القصص ، الآية : 25)). فهذه الآية تدل على حياء تلك المرأة من وجهين : الأول : جاءت إليه تمشي على استحياء بلا تبذل ، ولا تبجح ، ولا إغواء . الثاني : كلماتها التي خاطبت بها موسى عليه السلام ، إذ أبانت مرادها بعبارة قصيرة واضحة في مدلولها ، من غير أن تسترسل في الحديث والحوار معه وهذا من إيحاء الفطر النظيفة السليمة والنفوس المستقيمة . ولا يدري من وقف على أحداث هذه القصة التي جرت لنبي الله وكليمه موسى عليه السلام أيعجب من حياء المرأة أم من حيائه عليه السلام ؛ فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه :" جاءتْ واضعةً يدَها على وجهها ، فقام معها موسى وقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق وأنا أمشي أمامك فإنا لا ننظر في أدبار النسا