درجة حرارتى تعدت السابعة والثلاثين بكثير
أشعر بسخونة جوفى كلما لمست أصابعى شفتىّ.. تنتابنى نوبة سعال متقطع..
تتوقف رئتىّ عن التنفس لحظات ألما.. فإذا (بفتحى) يأتينى بكوب من الماء
ينقذ أنفاسى اللاهثة ويعيد شهيقى إلى رئتىّ.
أرتشف ذرات صغيرة وأعاود سيمفونية السعال حتى يحمر وجهى وتتفجر الدموع من
عينىّ وأنفى ويسيل لعابى فألتقطه بمنديلى.
يرن جرس تليفون مكتبى.. فيرد الصول فتحى بدلا منى.. فتتبدل ملامحه
المستكينة إلى ملامح مندهشة!! يعقد حاجبيه تارة، ويفرطهما تارة أخرى حتى
انتهاء المكالمة.
تسكن ملامحه برهة من الزمن، تتنازعه الأفكار.. هل يبوح لى بما تحمله شفتاه
من حكايات جديدة أم أن الوقت ليس مناسبا بعد؟!.
أشير بيدى أشجعه للحديث،، فتنهمر كلماته بلا توقف.. وجدوا جثتها يا باشا فى
الفندق (وجوزها فص ملح وداب).
سلمنى الصول فتحى ملفا يحتوى على مئات الأوراق تحكى قصة الطبيبة التى قتلت
فى ظروف غامضة.
التحريات تثبت أنها على خلافات مع زوجها، واتفقا على الطلاق سؤال واحد ذكر
بإلحاح لماذا ذهبت هى وزوجها لقضاء ليلة بكاملها فى فندق؟
الغريب حقا أن يظهر الزوج بعد ثلاثة شهور من الحادث، ويدعى سفره إلى الخارج
وعدم معرفته أى شىء.
شخص واحد كانت كلماته مرتبكة.. أحسست ارتباكها وتراجعها بين السطور (هند)
شقيقة القتيلة، طلبت استدعاءها للتحقيق معها وهاجسٌ شيطانىٌ يحرك داخلى
المشهد الكارثى لأول جريمة فى تاريخ البشرية (يوم قتل قابيل هابيل).
فتاة فى العقد الثالث من عمرها قصيرة ينسدل شعرها الأسود الفاحم ليغطى
منتصف ظهرها.
عيناها زائغتان تنطقان بذكاء ودهاء يفوق عدد سنوات عمرها الثلاثين جلست فى
انكماش وسكون تترقب انقضاضى عليها، فبدوت هادئا رغم غليانى الداخلى وتشوقى
لمعرفة الحقيقة بادرتها بسؤال ارتجفت منه، وشعرت أنه اتهام!
لماذا توقفت عن عملك كمحاسبة فى شركة زوج أختك بعد مقتلها؟
تسرب اللون الأصفر إلى أطراف أصابعها وانطلق يغذى بشرتها البيضاء فتحولها
إلى شبح بشرى قمىء.
ترددت بعض الشىء واستجمعت شجاعتها، لتبرر ذلك بمرضها الشديد فور سماع نبأ
مقتل شقيقتها سألتها ببراءة مصطنعة: رأيك إيه فى حمدى زوج أختك.
تنهدت تنهيدات غير مفهومه ونظرت فى فراغ الحجرة الضيقه لاتطرف عينيها
ناحيتى وجاءتنى إجابه باهته بلا روح ولا دم (عادى) لا بحبه ولا بكرهه.
فحاصرتها أكثر: تفتكرى هو اللى قتلها
فهبت من جلستها مرتعشة: لأ لأ حمدى لأ
ثم حمدى كان مسافر إسكندرية من قبل الحادث
فانتبهت لكلمة الإسكندرية حيث قتلت (وفاء)
فأدركت أنها تخفى شيئا ما.. وأدركت هى أننى كشفتها
فانهارت فى كرسيها مذهولة
فبادرتها باتهامى
وانت كنت فين يوم الحادث؟ فى إسكندرية أيضا؟!
لا أنا .. أنا ما عملتش حاجة
فأطلقت لدموعها العنان تطهر ما تبقى من آدميتها
حمدى قتلها لأنها اكتشفت علاقتى به
سرقت بطاقتها لكى أقضى معه ليلة فى أحد الفنادق
أحبنى أكثر منها.. لم يكن يحبها؟!
كنت أعشقه وأتمنى أن يكون لى وحدى
لكنها خطفته منى كعادتها.. دمرت حياتى
كانت تعرف أننى أحبه لكنها عرفت كيف تجذبه لها
لم تراع أننى الأكبر.. لكنها دائما الأجمل
ليتنى قتلتها بيدى.. حمدى لا يستحق الموت خذونى بدلا منه
لملمت الأوراق المتناثرة وأغلقت الملف ذا الغطاء الباهت.. وسكنت فى جلستى
أتأمل هوس فتاة شاركت فى قتل شقيقتها بدم بارد!!