راعنى وأذهلنى وأثار بداخلى كل مشاعر الغضب وجعلنى أتساءل إلى أين يأخذنا
المثقفون بدعوى الحرية، بعدما انتزعوها من وسط الفضائل وأحرقوا معانيها
الجميلة، وألقوا ما بقى منها وسط الروث والقاذورات، فها هو كاتب مغربى
يفتخر بأنه شاذ جنسيا ويحكى تجاربه الجنسية لكتاب آخرين، ويتحدث عن تجاربه
فى حرية العقيدة وقال إنه الآن لا يشعر أنه وحيد بعد زيادة الحكى على
الإنترنت لقصص أمثاله المثليين. وعلقت الجارديان على تصريحاته وأعلنت
سعادتها بالجيل الحالى من الكتاب الذين يحاولون محاربة العادات والتقاليد
والأعراف والمعتقدات الفكرية وأكدت أن شعار هذا الجيل هو "فلنقتل آباءنا".
هذا آخر ما وصلت إليه قرائح المثقفين وما طرحته إبداعاتهم ولا أدرى إلى أين
نسير؟ أو يقودنا هؤلاء بدعاواهم إلى الحرية فى الرأى والعقيدة حتى كرهنا
أن نستمع إلى كلمة الحرية من أفواههم بعدما لوثوها وأهانوها وجعلوها شعارا
لهم فى المواخير وبيوت الدعارة، وأخيرا ما وصلوا إليه من قمة التحضر والرقى
والسمو بافتخارهم بالشذوذ، وإن من حرياتهم ممارسة عادة قوم لوط، وبعد ما
حولوا أشرف العلاقات الإنسانية والبشرية التى صانت نسل بنى البشر على مر
القرون إلى علاقة قذرة وضيعة مهينة لكرامة من كرمهم الخالق بالعقل، وزينهم
بالفهم وأوكل إليهم الأمانة، وإذا هم يعلون من شأن عقولهم فيلغوها ويضيعون
الأمانة ويمزقون الرسالة ليصلوا إلى أحط الدرجات وأسفل المنازل وسابقوا
الشياطين فسبقوهم وقادوا لواء الفساد عنهم ورفعوا راية العصيان على من
خلقهم، بل وصلوا إلى درجة أن يكون لهم آراء فى العقيدة والدين ووجود الخالق
من عدمه، ففعلوا مالم تفعله الحيوانات، بل إن الحيوانات لو علمت ما فعلوه
ما سكتت عليهم كما نسكت، ولما خضعت وخنعت كما نحن فيه.
فيا عقلاء الأرض أين أنتم، يا علماء الدين هل أصابكم الصمم، يا محبى
الفضيلة أين اختفيتم، هيا هبوا وطهروا الأرض من الشرك والدنس وانفضوا عنكم
غبار السكون واملأوا الدنيا بصيحات تعلوا صيحات الرزيلة وامحوا آثار العار،
الذى لحق بذرية آدم الذى يبرأ إلى الله منا ومما وصلنا إليه من درجات
الحرية.