لو كان الأمر بيدي لاختزلت مجلس الشعب في 30 حلقة كوميدية وبعتها لقناة «موجة» ربما يعرضونها كجزء سادس من برنامجهم الهزلي «توك شو»، ففي حياة البرلمانيين طرائف وهذه الطرائف نابعة من سخافة المواقف، وإن جيت للحق الموضوع كله إهانة للشعب، فالأعضاء هم مندوبوه، وزمان قالوا تعرف الشخص من مرساله، والمرسال يدل علي الملك، ونحن شعب ملك ولكنه ملك المانجو الموجود أسفل كوبري غمرة، والنتيجة أن مراسلينا يعيشون في ( الفخفخينا ) بينما الشعب نفسه يحاول بل ريقه بـ (عصير الزلط)، علام تلومون البرلمانيين وهم مجرد مراسيل؟، بعضهم أخترناه بمحض إرادتنا والباقي اختاروهم بالنيابة عنا، أما من اخترناهم بمحض إرادتنا فقد اخترنا معظمهم بمحض الجهل، في الصعيد اخترنا المراسيل من منطلق القبلية والعصبية، الانتخابات في الصعيد شكل من أشكال الثأر، تدار المعركة بنظرية «لا يصح أن ينجح ابن عائلة فلان ويسقط ابن عائلتنا»، الصعيد نفسه بكل كبريائه وشموخه يقف ذليلاً أمام مناديب الحزب الحاكم طمعًا في الحصول علي دعم يقصر المسافات، أما الفلاحون فقد تواري معظمهم أمام طموح الوزراء وقيادات الحزب ورجال الشرطة السابقين في الحصول علي المقعد، هل سمعتني أتحدث عن برامج عمل؟، هل سمعتني أتحدث عن فكر سياسي؟، هل سمعتني أذكر كلمة «مثقفين» في الموضوع؟، هل تعرف شعارًا غير (خير من يمثلكم) ؟، إنها إهانة لا يجب أن تسكت عنها عندما تري رجلاً أنت تعرف كل أبعاده يقول بجرأة يُحسد عليها إنه خير من يمثلك، كيف ترضاها علي نفسك؟، لقد وافقنا علي مبدأ نسبة 50% عمال وفلاحين دون أن نفكر فيها أو نحسن استغلالها، فكانت النتيجة أن 50% من العمال والفلاحين بدلاً من دخول البرلمان أصبحوا ينامون علي رصيفه في انتظار نظرة رضا للحصول علي الحد الأدني من الحياة الكريمة، راهنا علي الأثرياء وقلنا إنهم لن يتخذوا المنصب كتجارة، تأشيرة وظيفة هنا بكام ألف، وعقد عمل هناك بكام ألف وقرار علاج علي نفقة الدولة بكام ألف، قلنا: الأثرياء لن يأخذوها سبوبة، أتاري طموحهم أكبر من التفاهات السابق ذكرها، فالصفقات مداها أوسع.. عبارة متهالكة تشق بحرًا من الدم الفاسد، ومنضدة قمار في ملهي تغني فيه مطربة مقتولة، ومكسب بيع أراضي الدولة ينفقه المحامون لتبرئة المتهم، راهن البعض علي ضبط المنظومة برجال يرفعون لواء الدين فصار البرلمان ثاني أشهر ساحات سب الدين في مصر بعد استاد القاهرة، وفي زمن العولمة والقرية الذكية وثورة التكنولوجيا أستعير جملة نشوي مصطفي في فيلم اللمبي (أكاد أجزم إن مافيش ولا واحد منهم عنده إيميل أدريس ولا آيس كيو)، البرلمان في الألفية الجديدة لم يأخذ من التكنولوجيا سوي الـ «سي دي هات» التي يوزعها الأعضاء علي بعضهم محملة بفضائح الزملاء، راهن البعض علي كبار العائلات ورجال الشرطة في أنهم سيصبحون عضمة ناشفة لها سطوة وحضور، لكن معظمهم - مع احترامي الشديد لهم - تحولوا إلي عازفي إيقاع يبدأون في العزف بمجرد إشارة من سليم سحاب البرلمان السيد أمين التنظيم
ما الذي يشغل المجلس طوال فترة انعقاده؟.. أن يرفع الحصانة أو أن يسمح للعضو بالإدلاء بأقواله، أن يجبر العضو علي الاعتذار أو أن يطرده من الجلسة، أن يسحب العضو تصريحاته النارية أو أن يعتدي عليه واحد من نواب الأغلبية أو أن يُحذف كل ماحدث من المضبطة، أن يحضر الوزير الاستجواب أو أن تنجح حملة إيقاف الاستجواب، أن يهتم بتقارير المستشار الملط أو أن يقلل من أهميتها، أن يلعب الوزير «السوليتير» أثناء الجلسة أو أن يتبادل الأعضاء اللب والمكسرات، طيب.. وما الذي يشغل الشعب الذي يمثله المجلس؟.... بركات كان يقصد مين بصباعه؟