آثار السيول في شرم الشيخ
واجه الدكتور أحمد نظيف ـ رئيس مجلس الوزراء ـ غضباً جماهيرياً من منكوبي السيول بمدينة العريش، وذلك خلال زيارته أمس برفقة خمسة وزراء، حيث انتقد المنكوبون بطء الإجراءات الحكومية في الإنقاذ وضياع كل ما يمتلكونه أمام طوفان المياه، وعدم كفاية مستلزمات الحياة في المواقع التي خصصتها الحكومة لإيوائهم، وأشاروا إلي أن محافظة العريش أقامت منشآت عمرانية وسياحية وترفيهية وتجارية بتكلفة تزيد علي 150 مليون جنيه في مخر سيل العريش، وفجأة انهارت كل هذه المنشآت أمام السيول، كما فقد الأهالي أكثر من 1500 منزل جرفتها السيول في طريقها إلي البحر، ومن ناحية أخري عقد الدكتور نظيف اجتماعاً طارئاً بالقرب من مخر السيل، حضره الوزراء المرافقون ومحافظ شمال سيناء ومسئولو المحافظة، ووافق علي تأجيل الامتحانات بأنحاء المحافظة واستغرقت زيارة نظيف العاجلة قرابة الثلاث ساعات وفشل منظمو الزيارة في عقد مؤتمر جماهيري لرئيس الحكومة في مدرسة عباس صالح بشرق العريش بسبب احتشاد غاضب من آلاف السيناوية وهو ما اضطر لإلغاء المؤتمر خشية انفجار الغضب الشعبي. قالت مصادر أمنية وشهود عيان إن مصادمات وقعت بين قوات الأمن والمتضررين من السيول بمنطقة رأس سدر التابعة لمحافظة جنوب سيناء استخدمت فيها الحجارة من جانب المواطنين، فيما أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص الخرطوش وأصيب مواطن وشرطي حتي الآن. وقال مصدر أمني إن نحو ألف شخص من مواطني قرية أبوصويرة بجنوب سيناء قطعوا الطريق المؤدي من رأس سدر إلي شرم الشيخ بالشاحنات الصغيرة وأشعلوا النيران في الإطارات المطاطية احتجاجاً علي تأخر وصول المساعدات الإغاثية إليهم، مضيفاً أن المتظاهرين قذفوا رجال الشرطة بالحجارة. وقال شهود عيان إن السيول محت مناطق كاملة مثل منطقة الجراجرة التي قضي عليها السيل، في حين بات الناس ليلتهم الأولي في الشوارع، وقد تم فتح الكنائس والمساجد لاستقبال الناس في قري أبوصويرة ورأس سدر، فيما قام الناجون من المنازل المهدمة باقتحام مباني الإسكان البدوي الجديدة والإقامة فيها، وظهر نقص شديد في الوجبات الجافة مع استمرار انقطاع الكهرباء في منطقة أبوصويرة وحي السادات، كما أن قرية وادي سدر معرضة لنزول سيول قوية بها، وقامت الشركة العامة للبترول بتوزيع 150 وجبة علي المشردين.
واحتجزت السيول محافظ جنوب سيناء اللواء محمد عبدالفضيل، بين أبورديس وأبوزنيمة أثناء محاولته المرور علي القري المضارة فيما نجحت القوات المسلحة في فتح الطريق الدولي المتجه للقاهرة صباح أمس.
وأدي تدمير أجزاء من شبكة الطرق الدولية في سيناء إلي احتجاز المئات من الموظفين والطلبة الذين يدرسون في جامعات الدلتا، وتكدست أتوبيسات النقل العام في الموقف الرئيسي لشركة شرق الدلتا بمدينة الطور مما أدي لتصاعد الغضب بين أهالي جنوب سيناء الذين انتقدوا تركهم معزولين بلا اتصالات ولامواصلات في حين بقي مطار الطور مغلقا، وتساءل الأهالي: لماذا لا تفتح الحكومة المطار وتشغل رحلات طوارئ لنقل المحجوزين من الطلاب والموظفين؟!
ومن جهة أخري اضطر أكثر من 35 شابًا للاستنجاد برئيس شركة مصر للطيران حيث كان من المقرر سفرهم لأداء اختبارات اللغات بمعهد القوات المسلحة بالقاهرة ضمن الاختبارات المؤهلة للالتحاق بالوظائف في شركة مصر للطيران للخدمات الأرضية، وقد استجاب رئيس الشركة اللواء عبدالحميد عيد، علي الفور وقرر إعادة الاختبار لشباب سيناء اليوم - الخميس.
وفي شرم الشيخ تصاعدت انتقادات العاملين بالسياحة لترك شوارع المدينة غارقة في المياه رغم توقف السيول من يومين، وقال أحد العاملين بالسياحة في اتصال مع «الدستور»: إن الفنادق الواقعة خلف منطقة المطار محاصرة بالمياه ولا يستطيع السياح الوصول إليها، وإن الحافلات السياحية تتعطل بالعشرات بسبب المياه التي تركها المسئولون في سابقة تعد الأولي للمدينة التي تحظي من سنوات بمعاملة مميزة من الدولة.
وفي مطار شرم الشيخ الذي انهار جزء من سقفه لشدة الأمطار، قررت سلطات الطيران إغلاق المبني القديم لمدة ثلاثة أسابيع للصيانة وإصلاح الانهيارات، وقال مدحت هنداوي - رئيس شركة المطارات المصرية إن المطار سيعمل من خلال المبني الجديد الذي يسع أكثر من سبعة ملايين راكب سنويا وهو يعمل بالفعل حاليا بانتظام، وأكد أن شركات المقاولات بدأت بالفعل أعمال الإصلاحات في صالة الإجراءات وصالة السفر. وأضاف هنداوي أن شركات التأمين تقوم بحصر الخسائر والتلفيات لتحديد قيمة التعويضات. وقد لقي شرطي مصرعه أمس الأول - الثلاثاء - في سيول سيناء بينما لم يتمكن نحو خمسة آلاف مواطن من العودة إلي منازلهم منذ يوم الاثنين الماضي.
وقال مصدر أمني إن الشرطي ويدعي عيد صلاح أحمد رمضان ـ 23 عاما ـ وهو من قوات قطاع وسط سيناء، قد وصل إلي مستشفي رفح جثة هامدة.
وأضاف أن السيول جرفت الجثة حيث كان الشرطي في نوبة حراسة له عند إحدي النقاط الحدودية بين مصر وإسرائيل بالقطاع الأوسط لسيناء.
ويعاني سكان شرق العريش من نفاد مؤنهم من مواد تموينية وغذائية وكذا نفاد الوقود في المحطات وجميع احتياجاتهم الضرورية الأخري.
وقال مسئول محلي إنه لا يوجد حتي الآن حصر واضح لحجم الخسائر بسبب انقطاع الاتصالات التليفونية. وأشار إلي أن الحصر المتوفر حتي الآن يشير إلي أن مياه السيول غمرت 68 منزلا بمدينة رفح وتسببت في انهيار ثلاثة و25 عشة، بالإضافة إلي خسائر أخري في خطوط الضغط العالي والكهرباء.
وتابع أن ارتفاع المياه بوادي العريش قد وصل إلي نحو مترين، وأن منزلا من ثلاثة طوابق قد انهار.
وقال إن نحو 500 مواطن قد غمرت المياه منازلهم ونقلوا إلي معسكر إيواء بإحدي مدارس العريش، فيما أقامت القوات المسلحة معسكرا آخر يسع ألف شخص إلا أنه لم يستقبل أحدًا حتي الآن كما تم إقامة معسكر آخر لم يستقبل أي مواطنين.
وقال إنه تم إخلاء مستشفي العريش من المرضي وعددهم 75 مريضا بعد أن غمرت المياه الدور الأول من المستشفي بالكامل.
ولا تزال مناطق شرق العريش كضاحيتي السلام والجيش، وأحياء ومناطق الريسة وعاطف السادات والموقف الجديد وأبو صقل معزولة تماما عن وسط المدينة بسبب انقطاع الطرق، علاوة علي انفصال الشيخ زويد ورفح والحسنة ونخل عن العريش العاصمة. وانقطع التيار الكهربائي عن المدن الرئيسية بينما تواصل انقطاع التيار الكهربائي لليوم الثالث علي التوالي داخل القري التي اجتاحتها السيول والقريبة من مخرات السيول، فيما انقطعت خدمة مياه الشرب بعد أن دمرت مواسير المياه بفعل قوة السيل.
وفي جنوب سيناء أكد شهود عيان من أهالي القري أن عشرات المحال بالسوق التجارية بقرية أبوصويرة دمرت تماما واختفت معالم السوق وأغرقت مياه السيول المحال وأفسدت البضائع داخلها.
وفتحت المساجد أبوابها أمام المشردين من الرجال والنساء والأطفال وقام عدد من المواطنين بتوزيع مئات الأغطية علي المشردين بعد أن فقدوا أمتعتهم داخل منازلهم المهدمة بينما قام البعض بتوزيع الفاكهة والمعلبات علي المشردين.
وقال أحد السكان إن ثلاثة محال تجارية يمتلكها بقرية أبوصويرة دمرت تماما وجرف السيل البضائع الموجودة داخلها فيما يعد خسارة مالية فادحة له ولأسرته وشركائه.
وقال رضا الخضري - أحد السكان - إن مجمع المدارس بقرية أبو صويرة أحاطته بحيرة من مياه السيول من جميع الجهات وأن مدرسة محمد فريد الابتدائية غطت المياه أرضيات الفصول بها وامتنع الأطفال عن مواصلة امتحانات نصف العام الدراسي.
وقام الدكتور أحمد نظيف - رئيس مجلس الوزراء - برفقة اللواء مراد موافي - محافظ شمال سيناء - وخمسة وزراء بتفقد مناطق وأضرار السيول بالعريش (من الجهة الشرقية) أمس حيث تفقدوا منطقة المدينة الشبابية والملاعب المفتوحة، والأضرار التي سببتها مياه السيول، كما شاهدوا الطرق والزراعات المدمرة ورأوا آثار السيول بمنطقة غرب العريش.
ومن ناحية أخري ارتفعت أعداد البيوت المنهارة من جراء السيول التي شهدتها قري أسوان إلي 458 منزلاً، وشهدت الأجهزة التنفيذية تحركات واسعة في القري المنكوبة وهي الشديدة والشيخ علي واللقطة والأعتاب بعد أن تلقي اللواء «مصطفي السيد» ـ محافظ أسوان ـ أمس الأول إخطاراً بوصول الرئيس مبارك لأسوان لزيارة موقع الأحداث. التقي الرئيس أمس عدداً من الأهالي في حضور «محمد جلال» ـ رئيس المجموعة البرلمانية ـ و«دياب عبدالله» و«صالح مشالي» ـ عضوي مجلس الشوري ـ وأعضاء المجلس المحلي، وأصدر مبارك تعليماته بصرف 25 ألف جنيه لكل منزل منهار بخلاف تعويض الأهالي عن المنقولات وتدخل اللواء «عبدالسلام المحجوب» ـ وزير التنمية المحلية ـ قائلاً: وبتوع «سينا» ياريس، فقال مبارك: بتوع «سينا» بيصَّرفوا نفسهم يامحجوب. وفي الوقت الذي شهدت فيه زيارة الرئيس اهتماماً غير عادي من جانب المحافظة بالمنكوبين تابعت طوائف المجتمع الأسواني استضافة المتضررين وسارع عدد كبير من مواطني أسوان بتقديم الوجبات للمضارين من السيول.
وأكد «ثابت عبدالقادر» ـ عضو المجلس المحلي بأسوان ـ أن معظم المنازل المنهارة كانت بعيدة عن مخرات السيول، مفسراً ما حدث بأن عاصفة ثلجية لم تشهدها أسوان من قبل هي التي تسببت في انهيار المنازل، إذ تراكمت الثلوج فوق جبال أسوان وحملتها السيول في اتجاه المنازل، مما تسبب في انهيارها. وطالب الأهالي الجهات التنفيذية بضرورة أن تشمل التعويضات كل الأسر المتضررة وليس البيوت فقط، إذ يحتوي المنزل الواحد في أسوان علي أكثر من أسرة.