أصبح العثور على العريس المناسب مشكلة المشكلات عند كثير من بنات المغرب، فهو الهاجس الذي يسيطر على عدد من مجالس النساء والعائلات التي تتخوف اليوم من مصير بناتها بدون زواج.. «سيدتي» ناقشت مع خبراء الجوانب العملية والبدائل للتخفيف من حدة هذه الظاهرة التي تمتد من المغرب إالى المشرق وبالعكس.
«سيدتي»: مكتب المغرب
ترى عتيقة بنغازي (أستاذة جامعية) أنه يستحيل البحث عن بديل آخر غير الزواج كما هو متعارف عليه في المجتمع ولكنها تطرح تصورها الخاص موضحة:
أظن أن زواج الأصدقاء بعقد قانوني لكن شريطة أن لا يثمر أولاداً، يبقى حلا للذين لا يستطيعون الزواج العادي بحكم انشغالاتهم.
< فيما نزهة رشيد (عازبة في الثلاثين) تطرح بديلاً آخر، تقول:
لا أوافق على زواج كنظيره العرفي في بعض الدول العربية لأنه محكوم بالسرية وأهم ركن في الزواج هو العلنية والإشهار.
وتطالب لطيفة (40 سنة) قائلة:
أطالب أن يكون هناك ارتباط يمنحني الشرعية أمام القانون أولاً، لأن هذا أهم مشكل يواجهني في علاقتي بالشخص الذي أحب، فبعد المسافة بيننا يجعلني لا أراه إلا مرة في السنة لأنه من بلد عربي شقيق ولا تسمح ظروف عملنا معاً بأن نعيش في الوقت الراهن في مكان واحد، وحين يأتي ليزورني أبقى أسيرة لهواجس الخوف والتوجس لأن وجودي معه قد يخلق لي مشاكل من الناحية القانونية لأن الزواج بيننا عرفي وغير موثق.
< أما السيدة فاطمة الزهراء (مطلقة وأم) فتعتبر أن من حق أي امرأة أن تكون لها اختيارات في شكل الارتباط الذي تريده، توضح قائلة:
لا بد من فتح باب الاجتهاد، فهناك سيدات أرامل ومطلقات يردن الاحتفاظ باستقرار أبنائهن دون أن يحرمن من حقهن الطبيعي في الحياة. لذا لا بد أن ترتبط المرأة برجل يكون الجميع على علم أنه زوجها بدون وثيقة زواج ويكون الارتباط محكوماً بالعرف، وهذا هو الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة.
< وترى سعاد مروان (38 سنة) سيدة أعمال من واجب المجتمع أن يبحث لها عن حل بديل أو على الأقل يغير نظرته الى المرأة التي لا تتزوج.
ماذا يقول الرجل؟< عن العنوسة استمعنا الى آراء بعض الرجال، يقول أكرام ملال كريم:
العنوسة مشكلة حقيقية والأسباب مختلفة ومتداخلة أولها البطالة التي تقتل الأمل في النفوس، فمع تزايد عدد العاطلين في صفوف الشباب تقل حظوظ الزواج لدى الجنسين معاً، اعتقد إذا ما توفرت فرص العمل فإن الشباب سيبادر للزواج بحثاً عن استقراره النفسي والعاطفي.
< ويرى معاذ رزوق أن العنوسة تحولت في السنوات الأخيرة الى همٍ قد تشعر به الفتاة أكثر من غيرها في الأسرة وأسبابها اقتصادية واجتماعية ولا يمكن التغلب عليها إلا بالتوعية.
< من جهته يؤكد محمد بنموسى (30 سنة) أن العنوسة مشكلة اجتماعية ترتفع أرقامها سنة بعد أخرى لعدم قدرة الشباب على الزواج، والمرجو من علمائنا توعية الأسر لتيسير أمور الزواج.
الأسباب والحلوليختزل الدكتور أحمد الخمليشي (مدير دار الحديث الحسنية وخبير الشؤون القانونية) ظاهرة العنوسة في 4 أسباب رئيسية:
1 ـ نمط الإنفاق الذي يغير من حفلات العرس وطقوسه ونفقات بيت الزوجية، فالأولى رفعتها الأعراف والتقاليد إلى ما فوق طاقة كثير من الراغبين في الزواج والثانية جعلت منها ثقافة الاستهلاك ورغبة في التظاهر باليسر والثراء هماً مزعجاً لكل من يفكر في تأسيس أسرة.
2 ـ تدني درجة الحاجة إلى الزواج: لا جدال في أن إرضاء الغريزة في مقدمة دواعي الزواج ومنذ وجد مجتمع الإنسان، لكن المجتمعات الحديثة غيرت الكثير من تقاليد السلوك في الحياة العامة بين الجنسين ومن المبادئ الأخلاقية الموروثة وحتى نصوص العقاب ألغيت نهائياً في عدد غير قليل من التشريعات وحلت محلها نصوص تنظم العلاقات غير الشرعية ذاتها وآثارها، كل هذا يسر تلبية الغريزة دون تحمل تكاليف الزواج وبناء أسرة، سيما بالنسبة للرجال، هذا الواقع الذي تعيشه كل مجتمعات العالم تقريباً خفف كثيراً من ضغوط الغريزة الجنسية وجعل الشباب ينفرون من تكاليف الزواج والتزاماته.
3 ـ المفهوم الجديد لحقوق الفرد وحريته الذي انتشر منذ منتصف القرن الماضي وعقب الحرب العالمية الثانية نشأ عبره فكر جديد حول ما ينبغي أن يتمتع به الفرد من حقوق وحريات إزاء تقاليد المجتمع وأخلاقه العامة وحتى قوانينه، وبذلك فقدت مؤسسة الأسرة الأعمدة التي تستقر عليها وهي اقتناع كل من الزوجين وقبوله الحد من حريته وأنانية القرار وأداء أمانة المسؤولية واحترام قيم المجتمع وأخلاقياته.
4 ـ تزايد حالات إنهاء الرابطة الزوجية والتفكك الأسري.
أما البديل فيبدأ من مراجعة الثقافة الناشئة عن المبالغة في الترويج لحقوق الفرد على حساب واجباته وتقاليد البذخ والتباهي بالقدرة على الإنفاق في حفلات الزواج وتوابعها من تأثيث البيوت والأزياء الفاخرة وذلك يتحقق بوقفة عامة يحاسب فيها المجتمع نفسه بكل وسائل التواصل المتاحة ملتزماً علنياً وعملياً بتطبيق الآية «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».
علم الاجتماعالدكتورة سمية نعمان جسوس (أخصائية اجتماعية) تقول: يعتمد كثير من الآباء على البنت خاصة في البادية اذ يعترضون باستمرار على تزويجها ليستفيدوا من دخلها، وهو السبب الذي يجعل عدداً من البنات يقعن في الحمل غير الشرعي، فأغلب البنات لديهن خطيب، والوالدان يرفضانه فتضطر إلى ربط علاقة متسترة تؤدي بها إلى ما لا تحمد عقباه، هناك مشكلة أخرى وهي غياب نموذج الزوج في المجتمع، فكلما سألت الفتيات عن عدم الزواج يجبن «لم يتبق هناك رجال» وهو الجواب الذي نسمعه باستمرار منذ التسعينات وهذا يعني أنه لم يعد هناك نموذج في المجتمع.
أما الرجال فيتخوفون من الزواج وتغيير القانون زادهم خوفاً وإن كانوا لا يبذلون جهداً لمعرفة نص لم يقرأوه أصلاً. هناك أيضاً مشكلة تكلفة الزواج التي تهيب بعض الشبان لأنهم يرون تناقضاً في سلوك الفتاة بينهم وبين أهلها الذين يطلبون مهراً كبيراً.
علاج للعنوسةيؤكد عالم الدين اسماعيل الخطيب على دور العلماء في توعية الشباب أولاً بأهمية الزواج ووصايا الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هذا الصدد كثيرة، فعليهم تكثيف جهودهم والتعاون مع جمعيات المجتمع المغربي لتشجيع الشباب على الزواج عملياً وتذليل الصعاب التي تواجههم وتمكينهم من فرص العمل. وعلى غرار عدة دول خليجية التي أصبحت تنظم حفلات الزواج الجماعية، كما أن تعدد الزوجات، فكرة حكيمة لأن التعدد هو الأصل في الحقيقة ولا يمكن أن ننكر أهميته في حل مشكلة العنوسة.
حسب احصاءات
2004 يوجد 6 ملايين ونصف المليون عازب في المغرب. < أكثر من ستة عشر مليون مغربي يعيشون تحت خط الفقر. < معدل سن الزواج للاناث 27 سنة والذكور واحد وثلاثون عاماً.
< نسبة غير المتزوجات في الثلاثين بالمغرب 7 في المائة. < عدد النساء المعيلات لأسرهن عام 2003 وصل حوالي 138 ألف امرأة.