الحب علي الشاطيء!!
كمال عبدالجابر
عندما يبدأ الزوجان حياتهما في النور
والصدق والوضوح يحققان السعادة والاستقرار.. ولكن إذا بدآ الاثنان الحياة
المشتركة بارتداء الأقنعة الزائفة سيأتي اليوم حتما وتسقط تلك الأقنعة
وتظهر النفوس الضعيفة المخادعة وتكون النهاية الخراب والدمار والضحايا
الأطفال الأبرياء.. هذا ما حدث لفتاة وقعت ضحية الخداع والكلام المعسول من
شاب مخادع يرتدي ملابس إنسان سرعان ما اكتشفت حقيقته المرة بزواجه من أخري
ثرية لتنفق علي نزواته وإدمانه السموم وتركها وطفلها الرضيع تتلاطمهما
أمواج الحياة في طريق التشتت والحرمان.
نشأت في بيت أسري بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة.. البيت قديم عريق
من البيوت التي يقال عنها "بيوت العز".. والعز عزة النفس والإنسان
وأصالته.. لم يدخر والدها مالاً من أرباح تجارته ولا جهدا إلا أغدق به
عليها وأخوتها الثلاثة بسخاء وبعدما أنهت دراستها المتوسطة منذ أربع سنوات
اصطحب والدها أسرته لقضاء اجازة المصيف علي مدي عشرة أيام بأحد الشواطيء
الساحلية والتقت هناك ببعض صديقاتها وغمرت السعادة القلبية حياتها راحت
تختال بقوامها كانت تبدو كالغزال وسط الحسناوات علي الشاطيء.. راحت العيون
تلاحقها في كل اتجاه وبطباعها وتربيتها كانت لا تعير ذلك أي اهتمام..
فوجئت بشاب وسيم يطاردها بمعسول الكلام واصطدمت عيناه بعينيها الجميلتين
ارتدت خجلا وتمادي في مغازلتها حتي وقعت في حبائله واعتادا اللقاء حتي
نهاية الاجازة والعودة الي العاصمة وطرق باب مسكن أسرتها علي سبيل التعارف
وفي اليوم التالي اصطحب والديه وأخوته واستجابت محبوبته بطيبتها لأسلوبه
وأيدت اختياره زوجاً لها من بين عشرات الشبان واستجابت لرغبته في الإقامة
بشقة الزوجية بمنزل يمتلكه والده.. وقدم الشبكة واستمرت فترة الخطوبة علي
مدي عام كامل فوجئت حماته به يطلب منها بابتسامة الغش مبلغا من المال
كسلفة لتشطيب الشقة بعدما أعماه شيطان الطمع في مالها الوفير.. لم تتردد
والدة العروس واستجابت لمطلبه وأصر علي تحرير ايصال امانة لها بالمبلغ..
وعاونته بسخاء في توفير مقتضيات الاعداد وبعض المتطلبات لعش الزوجية من
أجل تحقيق السعادة وحلم حياة ابنتها رغم أنها وزوجها ارتأيا فيه بأنه
انسان طماع مراوغ ورضخا علي مضض لإصرار ابنتهما علي زواجه تحت وهم حبها
الأول والأخير وارتياح مشاعرها نحوه وتم عقد قرانهما وزفافهما إلي مسكن
الزوجية ودامت العشرة بينهما علي مدي حوالي عامين ورزقا خلالها بطفل صار
في عمر الزهور.. اكتشفت خلالهما بأنه يحقن بأمبول المخدر ويتعاطي المخدرات
بشراهة واعتاد التقاعس عن العمل كعامل فني بطائفة المعمار.. أخفت زوجته
حقيقته المرة عن والديها ودفنت همومها بين ضلوعها في صمت قاتل لرفضها
نصيحة والديها من جانب ولتربية طفلة بينهما من جانب آخر رغم تصدع حياتهما
الزوجية منذ الشهور الأولي لحملها واعتياده لفظ نصائحها واللامبالاة.
اعتاد مطالبتها بمعاونته من مال والدتها للإنفاق علي المخدرات
والملذات دون خجل أو حياء وعندما ضاقت واختنقت حياتها معه من جشعه وأطماعه
في ابتزازه وانغماسه في تعاطي السموم مما دفعها بعد امتناعه عن الإنفاق
علي حياتهما المعيشية إلي أن تعمل بعمل متواضع.. فراح يبتز دخلها أولا
بأول بالقوة والتهديد.. هددته بترك العمل ولكن دون جدوي كعادته لم تجد لها
آذاناً صاغية وشعرت بأن المودة قد تلاشت في قلب من أحبته علي شاطيء المصيف
واختارته كرهاً عن والديها وضحت بكل غال ونفيس من أجل إسعاده وتلبية
متطلباته والتغاضي عن أفعاله الشيطانية.
جاءت اللطمة الكبري عندما فوجئت به وقد اعتاد المبيت خارج مسكن
الزوجية وعندما واجهته أعلنها صراحة بأنه مرتبط بالزواج من مطلقة ثرية
وكانت صديقته قبل زواجهما وهي في كنف زوجها الذي طلقته من أجل "عيونه"!
وهنا.. فقدت السيطرة علي مشاعرها الدفينة المكبوتة علي مدي رحلة زواجهما
التي فاقت العامين ودوت صرخاتها في حالة هستيرية بين جدران المنزل.. وقام
بطردها بغلظة وشراسة.. وعادت وطفلها تحمل تعاستها إلي أهلها بعدما ذبح
احلامها وآمالها.
واكتشفت أن لقاء شاطيء المصيف والحب وهم وخيال وأطاحت الأوهام
بأحلامها الوردية حتي أفاقت علي كابوس مزعج من شيطان يرتدي ملابس إنسان!
استصدرت والدتها ضد زوج ابنتها المخادع حكماً بحبسه ثلاث سنوات
لاتهامه بخيانة الأمانة بالإيصال واستصدرت ضده زوجته حكماً بحبسه لمدة سنة
لتبديد المنقولات.. ولايزال يتهرب من أعين مباحث تنفيذ الأحكام.
طرقت باب محكمة الأسرة وحصلت علي حكم بالطلاق "للضرر" لزواجه من أخري.
انتابتها الهموم والأحزان من أفعال ذلك الشيطان الذي فاقت ألاعيبه كل احتمال ونفد الصبر والاحتمال.