في الصعيد "الجواني" .. الخُلع عيب وعار
خلعته فقتلها وقتل أباها وأمها وخطيبها
الجديد.. لأنه اعتبر أولاً أن الخُلع عيب وعار وثانياً يرفض أن تتزوج
أحداً غيره لأنه صعيدي.. وإن كان لابد فالطلاق هو السبيل الوحيد.. في هذا
التحقيق نتعرف علي الأسباب والمفاهيم عند "الصعايدة" حول الخُلع.
سوهاج حربي عبدالهادي:
الرجل في سوهاج يفضل أن يكون مطلقاً عند وصول الخلافات الزوجية للطريق
المسدود الذي لم تنجح وسائل الصلح بينهما في الوصول للتوفيق والسؤال الذي
يتردد علي لسان الرجال لماذا يقال عليَّ انني رجل "مخلوع"!! هذا عيب
والمرأة التي لا تريدني زوجاً أخلصها بكلمة واحدة "انت طالق بالتلاتة".
هذا ما أكده عدد كبير من الأزواج من مختلف طبقات المجتمع المزارعين
والعمال بل الموظفين والمثقفين علي حد سواء أمينة المرأة بالحزب الوطني
بسوهاج أ. سامية تؤكد انه تم عمل ندوات توعية بحقوق المرأة أكدنا فيها
مراعاة الأعراف السائدة والمبادئ والقيم الصعيدية الراسخة والتي هي من
مبادئ الدين والشريعة وهي ان المرأة التي وقعت تحت ظلم من زوجها عليها أن
تلجأ لأهل الخير والصلاح للتوفيق أو للتفريق بينهما.
وتؤكد عبلة الهواري عضو مجلس الشوري والأمين العام للمجلس القومي
للمرأة بسوهاج ان المجتمع الصعيدي مازال محافظاً علي الأعراف والتقاليد
لذلك فإن عدد حالات الخُلع في المحاكم محدودة جداً.
200 قضية فقط
قنا عبدالحكيم الأمير
أكد رئيس محكمة قنا الابتدائية ان قضايا الخُلع تكاد تكون معدومة ولا
يمكن مقارنتها بما يجري بالمحاكم بالقاهرة والإسكندرية ومحافظات الوجه
البحري مشيراً إلي عدد قضايا الخُلع التي تم تداولها منذ بدء العام
القضائي وحتي الآن لا تتعدي 200 قضية فقط من بين 12 ألف قضية متنوعة خاصة
بالأسرة كالنفقة وضم صغير والحضانة والطلاق بنسبة 1.6% فقط.
أضاف ان المجتمع القنائي والصعيدي عموماً لايزال تحكمه العادات
والتقاليد التي تؤكد ان لجوء المرأة للخُلع وصمة عار ليس في حق الرجل فقط
وإنما بالمرأة أيضاً رغم انها تطلب حقها الشرعي مشيراً إلي أنه رغم قلة
عدد قضايا الخُلع فإن غالبيتها تكاد تنحصر في سبب وحيد لطلب الخُلع وهو
عقم الرجل ورغبة المرأة في الإنجاب.
قالت عنايات السيد مقرر المجلس القومي للمرأة بقنا ان الرجل الصعيدي
لايزال يعتبر ان طلب المرأة للخُلع فيه مساس بكرامته ورجولته وغالبا ما
يضطر إلي تطليق زوجته عندما يشعر بأنها ستطلب الخُلع وفي ذات الوقت لاتزال
جلسات الصلح الودية تلعب دورها في انهاء المشاكل الأسرية بطرق ودية بعيداً
عن المحاكم.
لا للقب "مخلوع"
أسوان صفاء الزيات
أكدت سعاد الدمرداش أمينة المرأة بالحزب الوطني بأسوان أن الرجل
الصعيدي يرفض الخُلع ويفضل الطلاق حتي لا يلقب بالمخلوع وهذا ما أكدته
جميع الحالات التي ترد علي مكاتب الأسرة وعندما يصل الخلاف إلي محكمة
الأسرة يرفض الذهاب ويقوم بالتسوية من خارج المكتب أو يقوم بالطلاق
المباشر مع إبراء الزوجة..
أوضح حسين ياسين عضو المجلس المحلي للمحافظة أن قضايا الخُلع لا تصل
إلي المحاكم في أغلب الأحيان لأنه يتم حل المنازعات داخل الأسرة وأن يكون
هناك لجنة في كل قرية تسمي بلجنة الحكماء لحل هذه المنازعات وتتكون من
كبار شخصيات القرية وتعمل علي حل المشاكل بالإبراء أو بالصلح واستكمال
الحياة مرة أخري ولأن الرجل الصعيدي يرفض لقب مخلوع فيعمل علي حل هذه
المنازعات داخل الأسرة أو اللجوء إلي لجنة الحكماء.
حلول أسرية
الغردقة مشيرة الطاهر
في البحر الأحمر المحافظة ذات التكوين الاجتماعي الخاص والمختلف.. فإن لقب مخلوع مرفوض بين أبنائها ويعد عاراً.
وقضايا الخُلع قليلة جداً وتكاد تختفي من المحافظة.. وفي حالة استحالة الحياة الزوجية يكون الطلاق بهدوء.
وهناك عدد من القضايا بمجرد شعور الرجل بجدية قرار الزوجة في السير في
إجراءات القضية ومع بدء العد التنازلي ليحمل لقب مخلوع نجده يطلق زوجته من
تلقاء نفسه خوفاً من أن يلتصق بهذا اللقب وترفضه أسرة أي فتاة يتقدم لها
مستقبلاً.
العائلات.. صمام أمان
أكدت دكتورة نجلاء شطا أمينة المرأة بالحزب الوطني بالمحافظة انه مع
صدور قانون "الخُلع".. لجأت إليه السيدات بعضهن اعتبرنه "موضة" والكثيرات
كان بالنسبة لهن طوق نجاة من زوج عنيف أو مدمن أو مزواج.. فشهدت ساحات
محاكم الأسرة.. أعداداً كبيرة من القضايا.. ومع صدور الأحكام لصالح
المرأة.. كانت بمثابة صدمة للرجل خاصة في المجتمعات بالصعيد والبحر
الأحمر.. فكيف يطلق عليه المخلوع بين قبيلته وعشيرته.. لذا فالكثير من
الرجال الآن يلجأ للطلاق خوفاً من اللقب.
أشارت إلي أن الوضع هنا مختلف للعائلات والأسر دور كبير بالتدخل
لإصلاح الخلافات بين أبنائهم ولا تدع الأمور تصل للمحكمة وفي حالة استحالة
إكمال مسيرة الحياة الزوجية يكون الطلاق بالمعروف.
يؤكد مصدر قضائي بمحكمة البحر الأحمر.. انه في ظل تغيير الخريطة
السكانية للمحافظة ما بين سكانها الأصليين والوافدين من الوجهين القبلي
والبحري والأجانب نجد انه لا توجد لأسباب دعاوي الخُلع وتأثيرها علي الرجل
وتقبله لحمل هذا اللقب.. قواعد أو ثوابت وحتي مناقشتها من المنظور
الاجتماعي صعب.
فقانون الخُلع وضع ليعطي المرأة حقها في الخلاص من رجل عنيف ومتسلط
أو غير قادر للانفاق.. ومن حياة زوجية مستحيلة.. ولكن للأسف أصبح "لعبة"
فمعظم القضايا المنظورة لا تندرج أسبابها تحت المشكلات الاجتماعية
المستعصية والمعروفة لدي الجميع.