كان الامير علاء معتزاً بنفسه فخوراً بشبابه مدلاً على اقرانه فهو يملك الجاه والمال والشباب والجمال وهو وحيد والديه يستجيبان لرغبته ويحققان طلباته لا يصدان عن شيء ولا يحولان بينه وبين اي شيء .
وذات يوم خرج الامير علاء ممتطياً جواده حاملاص قوسه وسهامه يرغب في التنزه عند البحيرة القريبة من القصر وهناك رأى سيدةً عجوزاً تملىء آنيةً بالماء كي تشرب منها أراد الامير ان يختبر مهارته في احراز الهدف فما كادت العجوز تدني الآنية من فمها حتى كان الامير في لمح البصر قد صوب اليها سهماً من سهامه ففلقها فلقتين وشطرها شطرين .
غضبت العجوز غضباً شديداً وقالت للأمير ويحك أيها المغرور تتباهى بقوتك وشبابك و تسخر من سيدة عجوز أرادت أن ان تشرب بعض الماء أنيي سأدعو الله أن يوقعك في حب البرتقالات الثلاث فليجعلك الله تبحث عنهن وتقع في حبهن .
انتظري ماذا تقولين ؟وماذا تقصدين ؟ البرتقالات الثلاث الثلاث .
عاد الامير الى القصر خائفا ًمذعوراً ونادى على مربيته العجوز وقص عليها ما حدث وطلب منها ان تفسره له وتخبره بما تعرف عن هذه البرتقالات الثلاث .
قالت المربية العجوز يحكى يا بني انه في بلاد بعيدة لا يقربها الانس ولا الجان شجرة كبيرة تحرسها الوحوش ويتدلى منها ثلاث ثمار ذهبية يقول البعض : انها ثلاث برتقالات ويزعم البعض الاخر انها ثلاث ليمونات ويعتقد اخرون انها ثلاث تفاحات ذهبية . ولكن الكل يجمعون انا بداخل هذه الثمار ثلاث فتيات جميلات لم يستطع احد ان يصل اليهن حتى الآن .
سأصل انا اليهن .
كيف يا بني؟.انا الطريق اليهن صعب لا يعود منه احد ارجوك ان تصرف النظر عن ذلك الامر .
لا استطيع سأصل اليهن ......لقد قررت ذلك .
ودع الامير والديه وبدأ رحلته للبحث عن الرتقالات الثلاث مرت الايان والاسابيع بل الشهور وطالت غيبة الامير ولا احد يعرف عنه شيئا . انقطعت اخباره حتى استبد الجزع بوالديه وسيطرت عليهما المخاوف وباتا في هم مقيم كان الامير يسئل كل من يقابله وينتقل من بلد الى بلد وإذا هو يلتقي ذات يوم شيخاً عجوزاً يعرف طريقهن ولكن الشيخ لم يستجب فوراً لرغبة الامير بل حاول جاهداً ان يثني الامير عن عزمه لخطورة ما هو مقدم عليه ولكن الامير كان مصمماً على هدفه وهو الوصول الى البرتقالات الثلاث .
لم يجد الشيخ مفراً من ان يرشده الى الطريق .وودعه داعياً له بالتوفيق .
اتم الامير رحلته واقترب من مكان الشجرة ورأى تحتها بعض الحيوانات المفترسة فابتعد عنها واشعل ناراً ووضع عليها قطعة كبيرة من اللحم ثم اخمد النار وترك قطعة اللحم تجذب الحيوانات واحداً بعد الاخر حتى ابتعدت جميعها عن الشجرة وفي لمح البصر قطف الامير الثمرات الثلاث وقفز فوق جواده وانطلق بسرعة قبل انا تلحق به الحيوانات المفترسة فلما ابتعد الامير مسافةً معقولة واطمئن الى انه قد اصبح في أمان قرر ان ينال قسطاً من الراحة وأن يفتح الثمرة الاولى . فتح الامير البرتقالة الاولى فخرجت منها فتاة رائعة الجمال ترتدي ثوبا ابيض ناصعاً وتقول له بصوت خافت انا جائعة ..جائعة.
لم يكن يملك الامير شيئا ًمن الطعام يستطيع ان يقدمه لها فاختفت في الحال . سار الامير في طريق عودته وحصل على بعض الطعام وقرر ان يفح الرتقالة الثانية .ظهرت له هذه المرة فتاة اكثر جمالاً ترتدي ثوباً اسود وتقول له بصوت خافت انا ظمآنة ..انا ظمآنة .
قرر الامير عدم فتح البرتقالة الثالثة والاخيرة قبل ان يتوفر لديه الماء والطعام وعندما توفرا لديه فتحها فإذا بفتاة تفوق الاخرين جمالاً ولكنها ترتدي ثوباً مهلهلاً وتقول بصوت خافت انا جائعة ..انا ظمآنة.
فقدم لها من الطعام والشراب ما اشبع جوعها وروى ظماها . أردف الامير الفتاة خلفه وانطلق يعدو بجواده فلما اقترب من القصر قالت له الفتاة انا ثوبي قديم ممزق ويخجلني انا اقابل به من في القصر .سأنتظرك فوق هذه الشجرة حتى تذهب إلى القصر وتحضر لي ثوباً يليق بي..وعليك ان لا تتأخر في العودة.
صادفت رغبة الفتاة قبولاًمن الاميرفقد كان يود انا تلقى من في القصر وهي في أبهى زينتها وأكمل جمالها فتركها فوق الشجرة وأسرع ليحضر لها ثوباً.
بعد فترة من رحيل الامير جاءت قافلة وجلس رجالها يستريحون تحت الشجرة وصعد احدهم بصره فلمح الفتاة فوق الشجرة فصعد اليها وامسك بها ليبيعها في سوق العبيد حاولت الفتاة ان تستغيث ولكن دون جدوى فلم يكن هناك من يسمع صراخها ويستحيب لندائها !.
مضت القالفف في طريقها ومعها الفتاة والامير في القصر ينتقي لها اجمل الثياب وافخر العطور وافضل ادوات الزينة وهو يمني نفسه بأن يقدم لوالديه ولمن فيالقصر احمل فتاة على ظهر الارض ولم تر عين مثل جمالها ولم تسمع أذن مثل صوتها .
وكان ينتقل في القصر ينتقي ما يريد وهو في نشوة يغني غناءً رائعاً يفخر يتحقيق هدفه ويزهو بحصورله على مبيتغاه .
عاد الامير بعد فترة يحمل ما نتقاه وهو يكاد يطير من شدة الفرح والحبور ولكنه لم يجد الفتاة فوق الشجرة وإذ هو واجم صامت يحاول أن يجد سبيلاً في الصراخ فلا يستطيع يفتح عينيه على اشدهما ويتطلع الى الشجرة فيرتد اليه بصره وهو حسير .
كان كمن اصابته صاعقة أو حلت به قارعة او نزل بع اعصار!.
تساقط من يدي الامير ما كان يحمله من زينة وثياب وقفل عائداًالى القر منكس الرأس كسير الخاطر محزون الفؤلد و كأنما شعر الحصان بما يثقل صاحبه من هم وما يعتصر قلبه من حزن فأطرق برأسه إلى الارض واخى اذنيه ومشى بطيئاً كأنه يحمل فوق ظهره ثقلاً ينوء به .
مرت الايام و الامير مقيم في صمت و وجوم محزن وحالته تزداد سوءاً ويزداد يأس الاطباء من شفائه فعم الحزن ارجاء الممكلة ولف بثيابه السود كل أهلها !.
بينما كان الامير في هذه الحال لا يملك من امر نفسه شيئا ولا يملك من حوله نفعا . كانت الفتاة تحاول الهرب من القافلة حتى تم لها ما ارادت . عاونها في ذلك عجوزاًرق قلبه لحالها واستجاب لدمعوعها. اسرعت الفتاة بالعودة الى مملكة الامير فلما بلغتها سمعت بمرضه ويأس الاطباء من شفائه فتنكرت في زي طبيب وطلبت مقابلة الملك.
مثلت بين يدي الملك واكدت له انها تستطيع تشخيص داء الامير كما تستطيع ان تصف له الدواء الناجع الذي يكون فيه بتوفيق الله الشفاء العاجل .
تعلق الملك بقولها كما يتعلق الغريق بطوق النجاة ودب الامل في نفسه .
وهناك طلبت ان تترك مع الامير وأن يخلى بينهه وبينه .
فلما انصرف الجميع كشفت الفتاة عن شخصيتها للامير الذي كاد قلبه يقفز بين ضلوعه فرحاًوسروراً وإذا هو يبرأمن علته ويثب من فراشه ويمسك بيد فتاته ويخرج من غرفته مسرعاً.
يذهل والداه ويكاد يغمى عليهما حين ابصرا الامير يخرج عليهما من غرفته سليماً معافىً كما يذهل الحاضرون ويشتد الذهول حين يرون الطبيب فتاة رائعة الجمال .
اخبر الامير والديه والحاضرين بما حصل له ولفتاته ورغب الى والديه في الموافقة من زواجه منها رحب الابوان برغبته وبدأت المملكة تتخذ الاهبة لهذا الزواج السعيد. وبينما كان الجميع مشغولين بهذا الزفاف الملكي الكريم وكانت الاستعدادات تجري على قدم وساق كانت الميرة مشغولة الفكر بأختيها تفكر في امرهما تفكيراً عميقاً وتحن الى لقائهما حنيناً شديداً وتبتهل الى الله في ضراعة ان يجمعها بهما .
حل يوم الزفاف ولبست المملكة ابهى حللها وأخذت ابهى زخرفها وبدت في كامل زينتهاالتي تأخذ الابصار وتسلب العقول والالباب وكانت الاميرة في غرفتها وحولها الوصيفات وقد ارتدت ثوب الزفاف الفاخر وغدت رائعةً بارعةً كالوردة الناضرة والزهرة اليانعة.
وكان الخدم منهمكين في اعداد الموائد الحافلة بألذ الطعام واعذب الشراب .حين ذاك ولجت عصفورتان القصر احداهما سوداء والاخرى بيضاء .
قفزتا من أحدى النوافذ وطفقتا تطيران من مكان الى مكان كأنهما تبحثان عن شيءغاب عنهما من زمن بعيد ولم يستطع احد منن الحاضرين ان يمسك بهما.ظلتا كذلك حتى دخلتا حجرة الاميرة فهدأت حركتهما واستقرتا على الارض واخذت كل واحدة منهما بطرف من اطراف ثوب الاميرة ثم طارتا بها الى النافذة وسط ذهول الحاضرين ودهشتهم !.
وانتهت القصة ....