مـاذا تـعـرف عـن الـجـن

بـسـمـ الله الـرحـمـنـ الـرحـيـمـ



مـاذا تـعــرف عــن الـجــنّ



قـال الله تـعـالـى :

{ وَالـْجَـآنّ خـَلـَـقـْـنـَـاهُ مِـن نـّـار ِ الـسّـمُـومـِ ... الـحِـجْـر : 27 } .

وقـال الـنـبـيّ صلى الله عـلـيـه وسـلـم :

(( خـُـلِـقـت الـمـلائـكـة مـن نـور ، وخـُـلِـقـت الـجـانّ مـن نـار ، وخـُـلِـقَ آدم مِـمّـا وصَـفَ لـكـم ربّـكـُـم ... أي مـن تـراب ... أخـرجـه احمد فـي مُـسـنـده )) .


خـَـلــْـق الـجــن



الـجـن مـن عـالـَـم لـطـيـف غـيـر كـثـيـف وهـم كـالـمـلائـكـة مـن عـالـم الـروحـانـيّـات . قـادريـن عـلـى الـتـشـكـّـل بـصـور مـخـتـلـفـة .
يـقـول الـشـيـخ مـحـمـد عـلـي الـصـابـونـي حـفـظـه الله :
الـجـن بـعـكـس الـمـلائـكـة ، فـالـمـلائـكـة أجـسـامـهـم نـورانـيّـة روحـانـيّـة لا يـأكـلـون ولا يـشـربـون ، ولا يـنـامـون ولا يـتـنـاكـحـون ولا يـتـنـاسـلـون ، قـادريـن عـلـى الـتـشـكـل بـأي صـورة شـاءوا . خـُـلِـقـوا لـلـطـاعـة والـعـبـادة ، لـيـس بـمـقـدورهـم الـمـعـصـيـة لـعـدم وجـود الـشـهـوة فـيـهـم ، فـهـم عُـبّـاد خـُـلـّـص لا يـقـع مـنـهـم مـخـالـفـة ولا مـعـصـيـة .
فـأصـل خـَـلـْـق الـمـلائـكـة الـنـور ، وأصـل خـَـلـْـق الـجـن الـنـار .
أمّـا الـجـن فـهـم يـأكـلـون ويـشـربـون ويـنـامـون ويـتـنـاكـحـون ولـهـم نـَـسْـل وذريـة . وهـُمْ مـثـل الإنـس فـيـهـم ذكـور وإنـاث ، وتـقـع مـنـهـم الـمـعـصـيـة لـوجـود الـشـهـوة فـيـهـم .
رئـيسـهـم إبـلـيـس هـو الـذي عـصـى أمـر الله ولـم يـسـجـد لآدم .
وهـم مُـكـلـّـفـون مـثـل الإنـس ، فـيـهـم الـمـؤمـن والـكـافـر ، والـمُـطِـيـع والـعـاصـي والـطـاغـي والـبَـرّ والـفـاجـر ، يـدخـل الـمـؤمـنـون مـنـهـم الـذيـن أطـاعـوا الله وآمـنـوا بـرسُـلـه الـجـنـة والـكـافـرون مـنـهـم يـدخـلـون الـنـار ويُـسَـمّـون الـشـيـاطـيـن .
والـجـن ، خـلـق مـن مـخـلـوقـات الله عَـزّ وجَـلّ يـجـب الإيـمـان بـوجـودهـم كـمـا يـجـب الإيـمـان بـوجـودالـمـلائـكـة ، وأشـكـالـهـم تـخـتـلـف عـن أشـكـال الـمـلائـكـة كـمـا يـخـتـلـفـون عـن الإنـس ، وهـم مُـكـلـّـفـون بـالـتـكـالـيـف الـشـرعـيـة مـثـل الإنـس .
وهـم يُـبْـصِـرونـنـا ونـحـن لا نـُـبْـصِـرهـم ، ويـعـرفـون أحـوالـنـا ونـحـن لا نـعـرف أحـوالـهـم ، لأنـهـم بالـنـسـبـة لـنـا مـن الأمـر الـغـيـبـي الـذي لا تـدركـه الأبـصـار .



الـبَـشـر بـالـنـسـبـة لـلـشـيـاطـيـن



الـبـشـر بـالـنـسـبـة لـلـشـيـاطـيـن وعـلـى رأسـهـم إبـلـيـس ثـلاثـة أصـنـاف :

الـصـنـف الأول :

هُـمُ الـذيـن عـصـمـهـم الله مـن شـرهـم ، فـلا تـسـتـطـيـع الـشـيـاطـيـن فـتـنـتـهـم وإغـواءَهـم ، وهـم الـرسُـل والأنـبـيـاء الـكـرام ، لأن الله سـبـحـانـه وتـعـالـى أخـلـصـهـم لـنـفـسـه ، ولـهـذا اسـتـثـنـاهـم إبـلـيـس مـن الـقـسَـم حـيـن حَـلـف عـلـى إضـلال الـبـشـر .

قـال الله تـعـالـى :

{ قــَـالَ رَبّ بـِمَـا أغـْوَيْـتـَنِـي لأزيَـنـَـنّ لـَهُـمْ فِـي الأرْض ِ ولأ ُغـْويَـنـّهُـمْ أجْـمَـعِـيـنَ * إلاّ عِـبَـادإباحيه مِـنـْـهُـمُ الـمُـخـْـلـَصِـيـنَ * ... الـحِـجْـر : 39 ـ 40 } .

الـصّـنـف الـثـانـي :

هُـمُ الـذيـن تـحُـوم حـولـهـم الـشـيـاطـيـن ، ويَـبـذلـون جـهـدهـم لـفـتـنـتـهـم وغـوايـتـهـم ، فـإذا وقـعـوا فـي الـمـخـالـفـة والـمـعـصـيـة ، ألـهـمَـهـم الله الـتـوبـة والإنـابـة ، فـتـابـوا ورجـعـوا إلـى الله ، فـيـمـحـوا الله سـيـئـاتـهـم ، وهـم عـامّـة الـمـؤمـنـيـن .

الـصـنـف الـثـالـث :

هُـمُ الـذيـن فـي أيـدي الـشـيـاطـيـن ، يـتـلاعـبـون بـهـم كـمـا يـتلاعـب الـصـبـيـان بـالـكـُرةِ ، وهُـمُ الـكـفـار والـفـُجّـار ، أتـبـاع إبـلـيـس الـلـعـيـن ، الـذيـن قـال الله الـحـق تـبـارك وتـعـالـى :
{ إنّ عِـبَـادِى لـَـيْـسَ لـإباحيه عَـلـَيْـهـِمْ سُـلـْطـَـانٌ إلاّ مَـن ِ اتـّـبَـعَـكَ مِـنَ الـْغـَـاويـنَ ... الـحِـجْـر : 42 } .



لـمـاذا حُـجـِب عَـنـّـا رُؤيَـة الـجـن



حَـجَـبَ الله تـعـالـى عَـنـّـا رؤيـة الـمـلائـكـة والـجـن ، حـتـى نـُؤمِـن بـالـغـيـب الـذي أخـبـرنـا الله تـعـالـى عـنـه ، فـأول شـروط الاعـتـقـاد ( الإيـمـان بـالـغـيـب ) وهـو كـل مـا غـاب عـن الأنـظـار ، مِـمّـا أخـبـرنـا الله تـعـالـى عـنـه ... كـأمـر الـجـنـة والـنـار ، ونـعـيـم الـقـبـر وعـذابـه ، والـبـرزخ ، وأمـر الـصـراط والـمـيـزان والـكـرسـي والـعـرش ... وسـائـر الأمـور الـغـيـبـيـة .

قـال الله تـعـالـى فـي صِـفـات الـمـؤمـنـيـن الـصـادقـيـن :

{ ذلِـكَ الـْكِـتـَابُ لا رَيْـبَ فِـيـهِ هُـدًى لِـلـْمُـتـّقِـيـنَ * الـّذِيـنَ يُـؤمِـنـُـونَ بـِـالـْـغـَـيْـبِ وَيُـقِـيـمُـونَ الـصّـلاةَ َ وَمِـمّـا رَزَقــْـنـَـاهُُـمْ يُـنـْـفِـقـُـونَ * ... الـبـقـرة : 2ــ3 } .

الإٌيـمـان بـوجـود الـمـلائـكـة والـجـن واجـب ، مـن أنـكـره انـسـلـخ عـن ربـقـة أهـل الإيـمـان والـيـقـيـن ، ولـن يـنـفـعـه عـمـلـه يـوم الـقـيـامـة شـيـئـا ، لأنـه مُـكـَذبٌ لِـمَـا جـاء فـي الـقـرآن ، وجَـحـد أمـرًا أجـمـعـت عـلـيـه الـشـرائـع والأديـان .