إسرائيل.. وضرب إيران؟!!! د.أحمد فوزي مدرس القانون الدولي جامعة بني سويف
ارتفعت من جديد نبرة التهديدات الإسرائيلية في اتجاه توجيه ضربة عسكرية إلي المنشآت النووية الإيرانية بحجة أن الوكالة الدولية للطاقة والمجتمع الدولي قد تقاعسا عن أداء دورهما تجاه سعي إيران الجاد نحو امتلاك السلاح النووي وقد وردت هذه التهديدات بشكل صريح علي لسان شاؤول موفاز وزير الدولة الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق. كما جاءت أيضا هذه التهديدات بشكل ضمني في مناسبات عديدة منها ما ذكره أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي إبان احتفال إسرائيل بعيد نشأتها الثاني والستين حيث أكد علي أن كل خيارات الدفاع عن إسرائيل ضد التهديدات الإيرانية مفتوحة في إشارة واضحة إلي جدية توجيه ضربة عسكرية لها. وتدل المناورات العسكرية المتلاحقة التي يؤديها سلاح الجو الإسرائيلي علي نية إسرائيل توجيه هذه الضربة وترجمة تهديداتها إلي واقع.. وبعيداً عن فحوي التهديدات والمناورات فهل تستطيع إسرائيل الآن ضرب المنشآت النووية الإيرانية؟ وهل الوقت مناسب لذلك؟!!! ما يتبادر إلي الأذهان لأول وهلة أن إسرائيل ليست لديها القدرة علي توجيه ضربة عسكرية ضد إيران سيما وهي الآن تبدو ضعيفة عسكرياً بعد هزيمتها أمام حزب الله في حرب تموز 2006 بالإضافة إلي أن شعبية أولمرت علي المستوي السياسي داخل إسرائيل في أدني مستوياتها كما أنها تعاني من صراع حقيقي مع حماس في قطاع غزة لم تقدر علي احتوائه بكل السبل ولكن بقليل من التأمل يتجلي لنا أن إسرائيل قد تكون جادة كل الجد هذه المرة في التخلص من "الكابوس" الإيراني وفي هذا التوقيت بالذات وذلك لعدة أسباب منها: أولا : تدرك إسرائيل تماماً الآن أن الرأي العام الأمريكي غير مؤهل بل ورافض لفكرة توجيه ضربة عسكرية لإيران من خلال القوات المسلحة الأمريكية بعد فشل حربها في العراق وأفغانستان وتكبدها خسائر فادحة في الجنود والعتاد والاقتصاد وبالتالي تري إسرائيل ضرورة الاعتماد علي نفسها في توجيه تلك الضربة. ثانياً: تعلم إسرائيل جيداً عدم إمكانية الحصول علي قرار من مجلس الأمن في ظل الفصل السابع من الميثاق يعطي للأمم المتحدة الحق في ضرب إيران. فمجلس الأمن الآن وبخاصة الدول الخمس الكبري التي تملك حق الفيتو ليس علي قلب رجل واحد بشأن الملف النووي الإيراني وإذا طرح هذا الأمر للتصويت فسوف يلقي معارضة شديدة من روسيا وربما الصين وفرنسا. ثالثاً : لا يمكن لإسرائيل الاعتماد علي قوات حلف شمال الأطلنطي "الناتو" وهي تكابد مرارة الهزيمة في أفغانستان بالإضافة إلي أن الدول الأعضاء في هذا الحلف منقسمة علي نفسها وغالبيتها لا يري داعياً لإقحام الحلف في مغامرات خارجية لا تثمن ولا تغني من جوع. رابعاً: تعي إسرائيل جيداً أن تأجيل توجيه هذه الضربة العسكرية إلي ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة يعني عدم استطاعة القيام بها لأن "باراك أوباما" المرشح شبه المتفق عليه والذي سيحظي غالباً بكرسي البيت الأبيض يتبني ما يعرف بسياسة التغيير في برنامجه الانتخابي وتحسين صورة أمريكا التي شوهتها الإدارة الحالية وعدم التمادي في "مسرحية" الحرب علي الإرهاب وبالتالي لن تكون هناك فرصة في ظل فترة حكم أوباما لضرب إيران وهنا يكون اللجوء إجباريا للوسائل السلمية لحل الأزمة. خامساً: التنامي السريع لإيران في مجال التصنيع النووي والذي يترجم قدرتها الفائقة في خلال وقت قصير علي الوصول إلي تكنولجيا نووية كاملة الأمر الذي يمكنها من تصنيع القنبلة النووية. ولذا تشعر إسرائيل بأنها في حالة سباق مع الزمن لتسريع الخطي قبل فوات الأوان. سادساً : نهم إسرائيل لتحقيق أي نصر عسكري يعيد لشعبها وجيشها الثقة في قواته العسكرية بعد خسارته أمام مقاتلي حزب الله. ورغم وجاهة كل هذه الأسباب كعامل ضغط علي إسرائيل لتوجيه ضربتها تبقي المشكلة الحقيقية في لب التفكير وهي قدرة إيران التي لا شك فيها علي الرد بأقصي طاقاتها فهل يقف هذا العامل حائلاً دون قيام إسرائيل بضرب إيران أم أنها سوف تدخل في مغامرة حاسمة؟