حفت الجنة بالمكاره ووالاخلاق وحفت النار بالشهوات..

حَدَّثَنَا
‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏عَ********و بْنُ
عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ‏ ‏حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حُمَيْدٍ ‏
‏وَثَابِتٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏
‏أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏
‏حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمإباحيهارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ‏
‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ ‏ ‏مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

قَوْلُهُ : ( حُفَّتْ ) ‏

‏بِصِيغَةِ
الْمَجْهُولِ مِنْ الْحِفَافِ , وَهُوَ مَا يُحِيطُ بِالشَّيْءِ حَتَّى

لَا يُتَوَصَّلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَخَطِّيهِ أَيْ أُحِيطَتْ , وَوَقَعَ
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حُجِبَتْ ‏

‏( بِالْمإباحيهارِهِ ) ‏

‏أَيْ
بِمَا أُمِرَ الْمُكَلَّفُ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ فِيهِ فِعْلًا

وَتَرْكًا , وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الْمإباحيهارِهَ لِمَشَقَّتِهَا عَلَى
الْعَامِلِ وَصُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ ‏

‏( وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ) ‏

‏أَيْ
مَا يُسْتَلَذُّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مِمَّا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ
تَعَاطِيهِ إِمَّا بِالْأَصَالَةِ وَإِمَّا لِكَوْنِ فِعْلِهِ
يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ . قَالَ النَّوَوِيُّ
فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ
وَفَصِيحِهِ وَجَوَامِعِهِ الَّتِي أُوتِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ التَّمْثِيلِ الْحَسَنِ وَمَعْنَاهُ لَا يُوصَلُ إِلَى
الْجَنَّةِ إِلَّا بِارْتِكَابِ الْمَشَقَّاتِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا
بِالْمَكْرُوهَاتِ وَلَا إِلَى النَّارِ إِلَّا بِتَعَاطِي الشَّهَوَاتِ ,
وَكَذَلِكَ هُمَا مَحْجُوبَتَانِ بِهِمَا , فَمَنْ هَتإباحيه الْحِجَابَ
وَصَلَ إِلَى الْمَحْجُوبِ فَهَتْكُ حِجَابِ الْجَنَّةِ بِاقْتِحَامِ
الْمإباحيهارِهِ وَهَتْكُ حِجَابِ النَّارِ بِارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ .
فَأَمَّا الْمإباحيهارِهُ فَيَدْخُلُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فِي الْعِبَادَاتِ
وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا وَالصَّبْرُ عَلَى مَشَاقِّهَا وإباحيهظْمُ
الْغَيْظِ وَالْعَفْوُ وَالْحِلْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانُ إِلَى
الْمُسِيءِ وَالصَّبْرُ عَلَى الشَّهَوَاتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَأَمَّا
الشَّهَوَاتُ الَّتِي النَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِهَا , فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا
الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالنَّظَرِ إِلَى
الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْغِيبَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَلَاهِي وَنَحْوِ
ذَلِكَ . وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الْمُبَاحَةُ فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذِهِ ,
لَكِنْ يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا مَخَافَةَ أَنْ يَجُرَّ إِلَى

الْمُحَرَّمَةِ أَوْ يُقَسِّي الْقَلْبَ أَوْ يَشْغَلَ عَنْ الطَّاعَاتِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ اِنْتَهَى .

‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ ) ‏

‏وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

وصلى اللهم وسلم على محمد وآله وصحبه اجمعين

جزاك الله كل خير